قصة عين المعبد
تفاصيل العمل
كانت السماء تشتعل بألوان الغروب حين التقطت سلمى آخر صورة لها أمام المعبد القديم. امتزجت حمرة الشمس بصفرة الرمال، كأنّ الأفق لوحة من نار وذهب. ظنّت أنها مجرد لقطة عادية لتوثيق يومها، لكن حين نظر أخوها عمر إلى شاشة الكاميرا تجمّد مكانه… كانت المومياء في عمق الإطار تفتح عينيها. ارتجف قلبه، وحاول أن يضحك ليخفي خوفه، إلا أن الصورة لم تكن مزحة. حاول أن يقنع نفسه بأنها خدعة ضوئية أو انعكاس غروب الشمس على الزجاج، لكن النظرة الغامضة في عيني المومياء ظلت تلاحقه طوال الليل، حتى كاد يسمع همسها في أذنه وهو بين النوم واليقظة. في الصباح، أخبر سلمى بما رأى، فابتسمت وقالت بخفة: – "أنت تبالغ يا عمر، يبدو أن خيالك الكاتب لا يعرف النوم!" ضحك هو أيضًا، لكنه لم ينسَ الصورة. أصرّ أن يعودا إلى المكان ليواجه الحقيقة بنفسه. عند المعبد، بدا كل شيء ساكنًا كما تركاه، كأن الزمن لم يتحرك منذ آلاف السنين. المومياء ما زالت في موضعها، صامتة، يعلوها غبار خفيف. وبينما كانت سلمى تلتقط صورًا جديدة، لمح عمر شيئًا غريبًا عند قدمي التمثال: ساعة رملية صغيرة، جديدة، لامعة على نحوٍ لا يليق بِقِدَم المعبد. مدّ يده، التقطها، وقلبها رأسًا على عقب… فانقلب الزمن معهما. أحاط بهما ضوء ذهبي قوي، واهتزّ الهواء من حولهما. وعندما فتحا أعينهما، وجدا نفسيهما في المعبد ذاته، لكنه حيّ ينبض بالحياة. الكهنة يتحركون بين الأعمدة، البخور يملأ المكان، والأصوات تتردد بلغات لم يسمعاها من قبل. اقتربت منهما فتاة ترتدي ثوبًا فرعونيًّا ناعمًا، تحمل بردية وريشة، وقالت بلغة مفهومة على نحوٍ عجيب: – "أنا نِفر، ابنة كاتب الملك. كنت أدوّن لأحفظ مجد قومي، فالكلمة حياة، والصورة ذاكرة. لا تدعا الزمن يسرق ما تركه أجدادكم." ناولت عمر البردية وأضافت بصوتٍ هادئ: – "أكملا ما بدأناه، فالزمن لا ينسى من يكتب." ثم خبا الضوء فجأة، فعادا إلى زمنهما، والساعة الرملية بين يدي سلمى وقد توقف رملها في المنتصف. نظر عمر إليها وقال بابتسامة متأثرة: – "يبدو أن الزمن منحنا رسالة، يا سلمى." ومنذ ذلك اليوم، جمعت سلمى بين الصورة والكلمة؛ تكتب بالكاميرا ما لم يكتبه القلم، ويكتب عمر بالحبر ما لم تلتقطه العدسة. وهكذا، عادت روح الحضارة لتنبض من جديد في قلب الحاضر.
مهارات العمل
بطاقة العمل
طلب عمل مماثل