قصه الدكتوره تبحث عن ابيها
تفاصيل العمل
القصة الثالثة: في حضن آخر دعوة العنوان: "لما قالتله: أنا بنتك، يا بابا" --- عُلا كانت في آخر سنة في كلية التمريض. عاشت طفولتها من غير أب، أمها كانت بتقول لها إن والدها توفّى وهي صغيرة، وما كانتش بتتكلم عنه كتير. لكن علا، من سنين طويلة، كانت دايمًا حاسة إن فيه حاجة ناقصة... جزء من الحكاية مش مفهوم. وفي ليلة من ليالي رمضان، كانت بتراجع في أوراق قديمة بتدور على شهادة تطعيم لشغل التدريب، ووقعت عينيها على صورة قديمة لأمها مع راجل كبير في السن، شايل طفلة رضيعة. على ضهر الصورة مكتوب: "لأجمل أيام عمري.. علا مع بابا." الدنيا لفت بيها. الصورة دي اتاخدت بعد اللي أمها قالت إنه تاريخ وفاة أبوها. واجهت أمها، وبعد لحظات من الصمت، دمعت الأم وقالت: – "أبوك ما ماتش يا علا. لكنه كان لازم يختفي... علشان حمايتك." الحكاية كانت مؤلمة. أبوها، عبد الرحمن، كان رجل أعمال معروف زمان، اتورّط في قضية غدر من شركاءه، واتظلم، واتسجن، وبعد خروجه قرر يبعد عنهم علشان محدش يأذي بنته الوحيدة. كانت الأم بتستلم منه مصاريف بشكل غير مباشر، لكن قررت تمحيه من حياة بنتها علشان تحميها من ماضيه، حسب ظنّها. في اللحظة دي، علا قررت تدور عليه. قعدت شهور تدور، من خلال مكاتب السجل المدني، مكالمات قديمة، أرقام مهجورة، لحد ما وصلت لمركز رعاية مسنين في أطراف محافظة الشرقية. قالوا لها إن فيه راجل كبير اسمه عبد الرحمن عبد الجواد، مريض بالزهايمر، وما بيزورهش حد. سافرت في نفس اليوم، ودخلت الغرفة. لقيته قاعد على كرسي خشب، باصص في الشباك. ضعيف الجسم، لكن فيه شيء في ملامحه حسّسها إنه هو. قربت منه، وقالت: – "يا عم عبد الرحمن؟" ما ردّش. قالت وهي بتدمع: – "أنا علا... بنتك يا بابا." لحظة سكون خرافية. بعدين دمعة واحدة نزلت من عينه. مدّ إيده المرتعشة، ولمس وشّها، وقال بصوت خافت: – "علا؟!" فضلوا باصين لبعض دقايق من غير كلام. كل السنين اللي راحت كأنها بتتلم في حضن واحد. ومن اليوم ده، بقت بتروح تزوره يوميًا، تحكيله عن الكلية، وتشرب معاه شاي، وتقرأ له قرآن. وفي مرة، وهي بتساعده ينام، قال لها: – "أنا كنت فاكر إن عمري انتهى... لكن انتي رجّعتيه." وفي آخر يوم في امتحاناتها، دخلت عليه، وهو تعبان جدًا. بصّ لها وقال: – "أنا استنيتك عشان أقولك، أنا فخور بيكي... يا دكتورة علا." ومات بعدها بساعتين... وإيده ماسكة إيدها. علا ما بكتش بصوت عالي. لكن لما بكت، كل عنيها كانت بتقول: "أنا لحقت اللحظة... اللحظة اللي ما ينفعش تتفوت."
مهارات العمل