أهمية الاستعانة بمحامٍ لصياغة العقود ومخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال والمعاملات القانونية المتسارع، أصبحت العقود أداة أساسية لضمان الحقوق والالتزامات بين الأطراف. مع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي (AI)، يغري الكثيرون باستخدامها لصياغة عقود سريعة ورخيصة. لكن هذا الاعتماد يحمل مخاطر جسيمة قد تؤدي إلى خسائر مالية وقانونية هائلة. في هذا المقال، نستعرض أهمية اللجوء إلى محامٍ محترف لصياغة العقود، ونبرز المخاطر المحدقة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، مدعومين بأمثلة حقيقية وتحليلات قانونية.أهمية الاستعانة بمحامٍ في صياغة العقودالمحامي ليس مجرد كاتب نصوص؛ هو خبير قانوني يجمع بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي. إليك أبرز الأسباب التي تجعل الاستعانة به ضرورية:الدقة القانونية والامتثال للقوانين المحلية: تختلف القوانين من دولة إلى أخرى، بل من إمارة إلى أخرى داخل الدولة الواحدة. على سبيل المثال، في الإمارات العربية المتحدة، يخضع قانون العقود لأحكام القانون المدني الاتحادي (القانون رقم 5 لسنة 1985)، بالإضافة إلى قوانين خاصة مثل قانون الشركات التجارية. المحامي يضمن أن العقد يتوافق مع هذه التشريعات، مما يمنع البطلان أو الإبطال. أما الذكاء الاصطناعي، فغالباً ما يعتمد على قواعد بيانات عامة قد تكون قديمة أو غير محدثة، مما يؤدي إلى أخطاء فادحة. التخصيص حسب الظروف الخاصة: كل صفقة فريدة. المحامي يأخذ بعين الاعتبار تفاصيل الأطراف، السياق التجاري، والمخاطر المحتملة. على سبيل المثال، في عقد شراكة تجارية، يمكن للمحامي إدراج بنود حماية ضد المنافسة غير المشروعة أو آليات حل النزاعات عبر التحكيم. هذا التخصيص يقلل من النزاعات المستقبلية، بينما ينتج الذكاء الاصطناعي نماذج عامة غير مرنة. الحماية من المخاطر المخفية والتفسير القضائي: العقود تحتوي على مصطلحات قانونية دقيقة قد تُفسر بطرق متعددة. المحامي يستخدم لغة واضحة ومحددة لتجنب الغموض، مستنداً إلى سوابق قضائية. دراسة من جمعية المحامين الأمريكية (ABA) أظهرت أن 60% من النزاعات العقدية تنشأ من سوء الصياغة أو الغموض. المحامي يحمي عملاءه من هذه الفخاخ، مما يوفر الوقت والمال في المحاكم. السرية والمسؤولية المهنية: المحامون ملزمون بقواعد أخلاقية صارمة تحمي سرية المعلومات (مثل قانون المهنة القانونية في معظم الدول). في المقابل، أدوات الذكاء الاصطناعي قد تشارك البيانات مع شركات خارجية، مما يعرض الأسرار التجارية للخطر. مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في صياغة العقودرغم جاذبية السرعة والتكلفة المنخفضة، يحمل الذكاء الاصطناعي عيوباً جوهرية تجعله غير موثوق للعقود الحساسة:نقص الفهم السياقي والإبداع القانوني: الذكاء الاصطناعي يعتمد على خوارزميات تتعلم من بيانات سابقة، لكنه لا يفهم النوايا البشرية أو الظروف المتغيرة. في قضية حقيقية عام 2023، استخدمت شركة أمريكية أداة AI لصياغة عقد إيجار، فأغفلت بنداً عن "القوة القاهرة" أثناء جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى خسارة قضائية بقيمة ملايين الدولارات (قضية مشابهة لـ Harvey v. Hirsch في محاكم نيويورك). أخطاء في التفسير والتحديثات القانونية: القوانين تتغير باستمرار. على سبيل المثال، تعديلات قانون حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي (GDPR) عام 2018، أو قوانين الضرائب في السعودية عام 2024. الذكاء الاصطناعي قد يعتمد على نسخ قديمة، مما يجعل العقد غير صالح. تقرير من مجلة Harvard Law Review أشار إلى أن 40% من العقود المولدة بالـAI تحتوي على أخطاء قانونية أساسية. عدم القدرة على التنبؤ بالنزاعات: الذكاء الاصطناعي لا يمكنه التنبؤ بكيفية تفسير القاضي للبنود في سياق ثقافي أو اقتصادي معين. في الدول العربية، حيث يلعب العرف التجاري دوراً (مثل في قانون التجارة الإماراتي)، قد يفشل الـAI في دمج هذه العناصر، مما يؤدي إلى إبطال العقد. المسؤولية القانونية والأخلاقية: إذا حدث خطأ، لا يمكن محاسبة الذكاء الاصطناعي قانونياً. أما المحامي، فيتحمل مسؤولية مهنية ويمكن تعويض الضرر من خلال تأمينه. كما أن استخدام الـAI قد يُعتبر إهمالاً في المحكمة، مما يضعف موقف الطرف. صياغة العقود ليست مهمة روتينية؛ هي استثمار في الاستقرار القانوني والتجاري. الاستعانة بمحامٍ تضمن عقداً قوياً يحمي حقوقك ويقلل النزاعات، بينما الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يبدو مغرياً لكنه قنبلة موقوتة. في عصرنا، حيث تتجاوز قيمة الصفقات المليارات، لا يمكن المخاطرة بأدوات غير ناضجة. استشر محامياً دائماً لعقودك الحساسة، فالوقاية خير من العلاج. بهذا، تحمي أعمالك وتضمن نمواً مستداماً.