السؤال: أنا عامل حر بمجال التسويق، و صاحب لوكالة إشهارية، أحرص قدر المستطاع على أن يكون رزقي حلالاً، مجال عملي التسويق، و يحتاج الكثير من الذكاء و الحيلة، و قد لا يفرق الإنسان في بعض الحالات بين الذكاء و المكر، قصتي مع عميل طلب مني أن أقوم بالتقييم لمكانه على خرائط جوجل بخمسة نجوم، مع كتابة تعليقات عامة، "ما شاء الله، جزاك الله خيراً، و كلام من هذا القبيل"، مشروعه التجاري على حسب وصفه مباح و جائز، سألته عن صحة ما سأكتبه بالتعليقات، و حتى عن وضعه القانوني، و حتى عن سمعة مكانه، و أخبرته أني سأقوم بالتعليق على حسب وصفه؛ بنية أن أخلي مسؤوليتي، وأن أتعامل و كأني عامل يأخذ أجرة مقابل كتابة تعليقات، على حسب قوله سبب طلبه للتقييمات هو زيادة فرصة تصدر مشروعه لمحرك البحث، فشركة جوجل تقترح على الناس عشوائياً الأماكن التي بها تقييمات جيدة، بشرت العمل، و لكن توقفت بعد أن اطلعت على موضوع مشابه في هذا الموقع، وجه الاختلاف في قصتي هو أن التقييم متاح للجميع، ليس فقط لمن يقومون بالشراء أو زيارة المكان، و التقييمات لا تحذف حتى وإن كانت سلبية، كما أني أحاول قدر المستطاع تفادي المدح و الثناء، و كتابة تعليقات بنفس صيغة التعليقات الموجودة مسبقاً، و أنا قلق بعض الشيء. فهل هذا العمل جائز؟ و إن لم يكن مباحاً، فهل يمكنني إتمام الطلبية الاولى، و الاعتذار عن البقية؟ لأن الخدمة قيد التنفيذ، و إلغائها قد تتسبب لي بمشاكل كبيرة قد تصل لحذف حسابي من الموقع الذي أقدم به الخدمات، و أضعف هذه المشاكل أن يقوم العميل بتقيم خدماتي سلبياً. الجواب: الحمد لله. التقييمات شهادة من صاحبها، فيلزم أن تكون بعلم و صدق، و لا يجوز أن يقيم الإنسان شيئا لا يعلمه، أو أن يقيمه بما لا يستحق. فإن كنت صادقا فيما تقول من التقييمات، و عندك من الخبرة بما تتكلم عنه، ما يؤهلك للشهادة عليه، و تقييمه، فلا حرج عليك أن تعمل في ذلك التقييم، و أن تتقاضى عليه أجرا. و هذا العميل : إن كنت لا تعلم شيئا عنه، فلا يحل أن تضع له خمس نجمات، و لا يحل أن تعتمد على ما يخبرك به عن نفسه، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَ إِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا. وَ إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَ إِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا رواه البخاري (5629)، ومسلم (4719). وروى البخاري (5976)، ومسلم (87) عن أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟) قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ : لَا يَسْكُتُ". و قال صلى الله عليه و سلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا أخرجه مسلم برقم (101). وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله: "بعضُ الأخواتِ تُرسلُ وتطلبُ التَّصويتَ لقريب لها شاركَ بمسابقة أو مفاضلة لعمل، وتطلبُ مِنَّا التّصويتَ، ونحنُ لم نشاهد عملَه ولم نحضر المسابقة فأجاب: لا، غلط، لو صوَّتَّ له وأيَّدتَه وقلتَ كذا: كنتَ متكلِّمًا بغيرِ حقٍّ، وكنتَ كاذبًا أو كذَّابًا" انتهى من موقع الشيخ. فالواجب أن تمتنع عن هذا التقييم و لو أدى إلى إلغاء "الطلبية" أو قيام هذا العميل بتقييم خدماتك تقييما جائرا، بسلامة دينك مقدمة على تحصيل عرض الدنيا الزائل. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. والله أعلم.